Skip to content Skip to footer

الابتكار في التعليم

مقدمة

من منطلق رؤية 2030 القائمة على الابتكار في التحويل من الاقتصاد المبني على النفط إلى الاقتصاد المعرفي حيث تتعاظم أهميته كما يراها نور الدين (2014) ، وعلى أساسه يهدف برنامج تنمية القدرات البشرية إلى تحسين مخرجات منظومة التعليم والتدريب في جميع مراحلها من التعليم المبكر وحتى التعليم والتدريب المستمر مدى الحياة من خلال برامج تعليم وتأهيل وتدريب تواكب مستجدات العصر ومتطلباته وتوائم الجهات ذات العلاقة ، كما يسهم البرنامج في تطوير جميع مكونات منظومة التعليم والتدريب بما فيها المعلمين والمدربين وأعضاء هيئة التدريس والحوكمة وأنظمة التقويم والجودة والمناهج والمسارات التعليمية والمهنية والبيئة التعليمية والتدريبية لكافة مراحل التعليم لتنسجم مع التوجهات الحديثة والمبتكرة في مجالات التعليم والتدريب.

واستنادا لمنظومة الرؤية ذكر مدير جامعةKAUST توني تشان أن:

  • الركن الأساسي في رؤية2030هوالاستثمار برأس المال البشري وأساسه التعليم. 
  • استثمار المستقبل مشروع جيل يجب البدء فيه من الروضة.
  • يمكن استيراد التقنية والخبراء كحل سريع وفعال، لكنه لا يضمن الاستمرارية، والنمو التنافسية يجب أن يصاحبها بناء الكوادر الوطنية.

هذه المقالة تهدف الى توظيف الابتكار في قطاع التعليم وتحسين من جودة المخرجات التعليمية حتى تتلاءم مع مخرجات سوق العمل ستتناول هذه المقالة الابتكار من خلال ما يلي: مفهوم الابتكار والفرق بينه وبين الابداع والاختراع، أهميته، خصائصه، أنواعه، أين يكون الابتكار في مراحل التعليم؟، وأخيراً لماذا الابتكار في التعليم؟

مفهوم الابتكار والفرق بينه وبين الابداع والاختراع

كثيراً ما يتم الخلط بين مفهومي الابتكار والإبداع وكذلك بالنسبة للابتكار والاختراع بشكل غير دقيق فإن الاختراع عادة يسبق الابتكار (أوكيل، ٢٠١١) وهو عبارة عن صياغة فكرة جديدة غير مسبوقة، أما الابتكار يعرفه تورانس (Torrance) بأنه “قدرة الفرد على تجنب الطرق التقليدية في التفكير مع انتاج اصيل وجديد يمكن تنفيذه او تحقيقه والناتج من الابتكار عادة سلع ومنتجات شيء ملموس”. وقد أكد لاري كيلي المستشار في الابتكار الشريك المؤسس لشركة “دوبلن” جلسة “عشرة أنواع للابتكار” التي عقدت ضمن فعاليات القمة الحكومية في دورتها الثالثة بدبي، أن الابتكار “عملية تتم وفق أطر منهجية منظمة وتكتيكات محددة”.

أما الإبداع فهو قدرة الفرد على استخدام المهارات العقلية لإيجاد أفكار جديدة خارجة عن المألوف وتتسم عملية الابداع بالمرونة والطلاقة والأصالة في حين أن الابتكار يستمد من مصادر المعرفة العلمية والتكنولوجية أو التطبيقية بالإضافة إلى التجربة أو الخبرة، كذلك الابتكار والبحث العلمي مرتبطان أشد الارتباط ببعضهما لبعض رغم اختلافهما في إطار اقتصاد المعرفة.

أهمية الابتكار

إذاً ومن خلال ما سبق يتبين أن التعليم هو أساس ركائز الرؤية التي تتطلب توظيف الابتكار في التعليم والتدريب حتى نضمن كفاءة المخرجات التعليمية ونواتج التعلم مثل ما هو حاصل في كوريا الجنوبية وفنلندا وسنغافورة التي استثمرت في التعليم ورفعت من كفاءة رأس المال البشري، وبالتالي كانت النتيجة أن تغير اقتصادها بل وتقدم مستوى التعليم في مدارسها حين رفعت شعار ” تعليم أقل، تعلم أكثر ” إشارة إلى توظيف الابتكار وأهميته في التعليم.

خصائص الابتكار

وبالنظر إلى خصائص الابتكار نجد أن:  

1- الابتكار ظاهرة إنسانية لا تقتصر على فئة معينة أو على شديدي الذكاء فقط، بل يتميز الابتكار بأنه يمثل كل ما هو جديد: ويعني ذلك أنّه يشتمل على الخروج بشيءٍ جديد سواء كان كلياً أو جزئياً.

2- الابتكار هو التمايز: ويعني ذلك أن يأتي كل من المتنافسين بشيءٍ يختلف عما يأتي به الآخرون.

3- الابتكار هو قدرة المرء على أن يكون المتحرك الأول في السوق: ويقصد بذلك أن يكون المبتكر للمنتج الجديد هو الشخص الأول الذي توصل إليه، وفي ذلك تمييزاً له لإدخاله لمنتج جديد إلى السوق.

4- الابتكار يعبر عن قدرة المرء على اكتشاف الفرص: وذلك عندما يعتمد الابتكار على توقّع الاحتياجات.

وبعد استعراض خصائص الابتكار يمكن لنا أن نستنتج إمكانية أن تكون هذه الخصائص مطبقة في مناهجنا التعليمية وأنها تشمل جميع المنتسبين للتعليم من أساتذة وطلاب كون الابتكار لا يقتصر على فئة محددة دون غيرها، كما هو واضح كذلك أنه يتوجب على منسوبي التعليم اكتشاف فرص الابتكار وتوظيفها في مجال التعليم.

أنواع الابتكار

وحين الحديث عن الابتكار أجد أنه من المناسب ذكر أنواع الابتكار لمعرفة كيف يمكن الاستفادة منها في مجال التعليم ومن تلك الأنواع:

  • الابتكار المفتوح (Open Innovation)

وهو تعدد الأفكار المبتكرة من مصادر مختلفة ووصول بعضها إلى المخرج في صورة مجسدة لتشمل الابتكار الداخلي وتوسيع النطاق ليشمل العملاء والمنافسين والجامعات ومعاهد البحوث وغيرها كما جاء ذلك تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية الوجه المتغير للابتكار (2011).

  • الابتكار المستمر (Continuous Innovation)

تكون عملية الابتكار عبارة عن دورة حركية لا تتوقف فانطلاقا من فكرة معينة مثلا تلد فكرة أخرى ثم أخرى ثم أخرى حتى نفاذ إمكانية توليد أفكار أخرى جديدة لتتحول أو لتتجدد العملية كلها منطلقة من معرفة علمية جديدة او اختراع او اكتشاف جديد. ولنا أن نتخيل الصورة المشرقة في تعليمنا حين يصبح الابتكار مستمراً ومستفيداً من الاختراعات والاكتشافات الجديدة كما تمت الإشارة سابقاً إلى مدارس التعليم في سنغافورة وفنلندا وغيرها.

  • الابتكار الإلكتروني (E-Learning Innovation)

وهو الذي يمارس مباشرة عبر القنوات أو الشبكات المعلوماتية مما ينتج عنه من مزايا تعليمية مختلفة من حيث تبادل المعلومات والمعارف والأفكار. ومثال ذلك ما قامت به – مشكورة-  عمادة التعلم الإلكتروني في جامعة الملك خالد ضمن سلسلة ندوات إلكترونية عن ” الابتكار ” تناولت في إحداها ندوة عن ” الابتكار في التعليم الإلكتروني قدمها د. المحيا ستناقشها المقالة في العناصر القادمة.

  • الابتكار الاجتماعي (Social Innovation)

وهو الذي يتولى مجموعة واسعة من الأنشطة والخدمات مثل العناية بالطفولة وتقديم الخدمات الصحية للفقراء وكبار السن ومن أمثلته تلك الخدمات المقدمة على شبكة الانترنت التي تهدف الى التخفيف على الناس من ثقل ظروف الحياة ومساعدتهم بصورة مجانية. ومن أبرز من كتب أو حاضر عن الابتكار الاجتماعي غياث هواري (2015) وله حلقات مسجلة في موقع YouTube الشهير.

أين يكون الابتكار في مراحل التعليم؟

وللإجابة على هذا السؤال المهم والذي قد يتبادر إلى الذهن، فإنه يجدر الإشارة إلى الندوة الإلكترونية آنفة الذكر ” الابتكار في التعلم الإلكتروني ” والتي أجاب فيها د. المحيا على هذا السؤال وأشار إلى أن عملية الابتكار تحدث في التعليم ما قبل الجامعي ذاكراً بعض الشواهد على ذلك كما هو في برامج أكاديمية مسك بما يتوافق مع الرؤية وكما هو في منصة نون الأكاديمية والتي تقدم الخدمات التعليمية بطريقة مبتكرة من خلال المنصة التعليمية. كما بين د. المحيا بأن الابتكار في التعليم يستمر كذلك في التعليم الجامعي وتطرق إلى المنصات العالمية كمنصة Coursera العالمية والتي يتعلم من خلالها ملايين الطلاب ومنصة KKUX العربية والتي تهتم بتعليم مهارات المستقبل والتأهيل لسوق العمل.

نتيجة لتزايد الأهمية التي يحظى بها الابتكار في المجتمع المعاصر وتوافر التقنيات التعليمية الجديدة فإننا ندخل الثورة التعليمية الثالثة وهذا من شانه اقتراح طرائق جديدة للتعليم والتعلم فضلاً عن أساليب جديدة مبتكرة لإنتاج المعرفة ونقلها ، كما أن أساليب التدريس والتعلم التقليدية التي ارتبطت بالثورات التعليمية الأولى والثانية والتي ركزت على بناء المدارس واختراع المطبعة مما أدى إلى الكتاب المطبوع الحديث باتت اقل أهمية من ذي قبل مع ترسخ الثورة الرقمية وازدهارها وهو ما يوحي بأن الأساليب التقليدية لتعلم أي من (الملاحظة والتدريب ووضوح الهدف والمراقبة والتعلم من الاقران والمحاكاة والتوجيه وبناء المفاهيم والتفكير والتعلم فوق المعرفي وحل المشكلات والممارسة) تحتاج إلى تطوير لتصبح تقنيات رقمية ، الأمر الذي يترتب علية ضرورة إعادة هيكلة التعليم بوصفه جزءً من مقرر مسيرة الحياة.

كما أن ظهور التقنيات الرقمية شكل تحدياً يكمن في كيف يمكننا تحفيز الطلاب على التعلم والمعلمين على التدريس في العالم الرقمي الذي يمتلك القدرة على التأثير في عنصرين من العناصر المهمة في عمليات التعليم والتعلم وهما إدارة المعرفة وإدارة المحتوى ويقصد بإدارة المعرفة عملية تحويل المعلومات إلى معرفة مفيدة في حين تشير إدارة المحتوى إلى عملية نشر المعلومات، الأمر الذي يتطلب الكفاءة في استخدام التقنية الرقمية أو المعرفة الرقمية.

ومن الملاحظ كذلك أن نشأة الثورة الصناعية الرابعة التي تتمثل في الذكاء الاصطناعي، البلوك تشين، انترنت الأشياء، البيانات الضخمة ،الحوسبة السحابية، الطباعة ثلاثية الابعاد، التجارة الالكتروني ، الطاقة المتجددة، تحليلات التعلم، والواقع المختلط أدت إلى تغيير كبير في حياة الانسان في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية دخولا بذلك إلى مجالات التعليم المختلفة، واستعدادا للتعامل مع ما تفرضه هذه الثورة من تحديات، والاستفادة مما تُقدمه من فرص تحسين للعملية التعلمية التعليمية؛ لابد من تطوير النظام التعليمي ليكون قادراً على تلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة وتتمثل هذه الجهود في:

  • الإعداد الجيد للمعلم من خلال إنشاء مراكز متخصصة لتدريبه وتأهيله، وقد قامت وزارة التعليم مشكورة بإنشاء معهد التطوير المهني التعليمي ليقوم بدوره في التنمية المهنية للمعلم.
  • تحديث المناهج الدراسية، واشتمالها على الجديد والمفيد وما يتوافق مع متطلبات التنمية وسوق العمل.
  • استخدام أساليب وطرق تعلم تعتمد على التقنيات الذكية، وأساليب تقويم متنوعة تستطيع قياس المعارف والمهارات والقيم التي ينبغي أن يكتسبها الطالب مع التركيز على غرس مبادئ ومفاهيم التعلم الذاتي والتعلم المستمر لدى المتعلمين.
  • تعزيز الابتكار والإبداع والبحث العلمي الذي يساهم في الارتقاء بجودة النظام التعليمي وتحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم وقطاعات العمل.
  • التركيز على مهارات القرن الواحد والعشرين والتي من بينها مهارات التفكير الابتكاري حيث أثبتت تأثيرها في اجتياز المقررات التعليمية كما أشارت دراسة بحثية لذلك أجراها الباحث كابلي (2012) على 118 طالب وطالبة في كلية التربية بجامعة طيبة بالمدينة المنورة نتجت إلى فاعلية كل من طرق تقدمي الوسائط الرقمية، ونمط التعلم في البيئات التكنولوجية الحديثة في التحصيل المعرفي، والتفكري الابتكاري.

الخاتمة

من خلال مقالتي أرى أن بيئة الابتكار لابد أن تعزز في الوسط التعليمي ابتداءً من مراحل الطفولة المبكرة إلى التعليم الجامعي بل وبعد ذلك، وأن تدعم المناهج مهارات قدرات التفكير الابتكاري بالإضافة إلى التفكير الإبداعي والناقد، وأيضا مهارات الحساب واستخدام الحاسب الآلي حيث أنها تشكل اللبنة الأساسية لمتطلبات التعليم الحديث ، وتعلم اللغات والبرمجة وإتقان مهارات البحث العلمي في المراحل المتوسطة إلى التدريب والعمل على مشاريع مصغرة مرتبطة بالواقع وتعزيز التعلم الذاتي الذي من شأنه معرفة توجيه الطالب نحو ميوله المهنية في المراحل الثانوية، فبعد الانتقال إلى التعليم الجامعي الذي هو برأيي بوابة الاقتصاد الأولى  للفرد نفسه والعائد بالنفع لمجتمعه وللنهوض بوطنه، بات من الضروري أن :

  • يحرص التعليم في الجامعات على تأصيل الأسس والفكر الريادي من خلال المناهج والأنشطة التعليمية بحيث يكون حل مشاكل المجتمع نابع من التعليم في جامعاتنا.
  • يشارك التعليم في مجال المشاريع والابتكارات بالشراكة مع المؤسسات الأخرى.
  • إنشاء وحدات خاصة بالابتكار في كل المؤسسات التعليمية تعمل على التحسين المستمر لتلك القدرات ودعم المواهب الجديدة وتطويرها ضمن بيئة إيجابية ومحفزة للعمل التعاوني والابتكاري.
  • تشجيع المبادرات التطوعية التي تخلق بيئة تمزج بين أنواع العقول وتتيح تبادل المعرفة وانتقال الخبرات.
  • إيجاد آليات تربط فيها الجامعات طلابها برواد الاعمال والمشاريع والموارد.
  • دمج تخصصات تعليمية يتيح مسارات جديدة تندرج في سوق العمل وبالتالي يصبح التعليم الجامعي قادراً على أن يرفع من كفاءة مستوى الطالب ليكون قادراً على تكوين نفسه والانخراط في مجتمعه وتأسيس عمله بنفسه.


المراجع

أوكيل، سعيد. (2011). الابتكار التكنولوجي لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنافسية. مكتبة العبيكان

المحيا، عبد الله. (2019). الابتكار في التعليم الإلكتروني. منصة تزامن https://www.youtube.com/watch?v=ionyuRtUt-A

المنظمة العالمية للملكية الفكرية (2011). الوجه المتغير للابتكار. shorturl.at/pruC1

حميدي، محي الدين. التعليم للابتكار والتعلم المستقل. العبيكان

هواري، غياث (2015). الابتكار الاجتماعي

https://www.youtube.com/watch?v=SPUAsfdrK_E

كيلي. (2015). عشرة أنواع للابتكار. القمة الحكومية الثالثة. shorturl.at/jloIP

نور الدين، حامد. (2014). دور الابتكار التكنولوجي في تحقيق التنمية المستدامة.Studies and Research180(3013), 1-13.‏

Go to Top