تحليل بيانات التعلم هو جزء من مجال تحليل البيانات الضخمة ، وقد ظهرت بسبب وفرة البيانات المتاحة و المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي. و يعد تحليل بيانات التعلم عملية معقدة حيث أن كمية البيانات المضمنة غالبًا ما تكون ضخمة جداً و تأتي تلك البيانات من نظام إدارة التعلم ونظام القبول والتسجيل وغيرها من البيانات التي تعكس سلوك الطلاب في البيئات الإلكترونية.
ومع ذلك ، فإن تحليل بيانات التعلم تكون أكثر شيوعاً عند اتخاذ القرارات المتعلقة بتخطيط المناهج الدراسية ورفع مستوى الخدمات المقدمة للطلاب. خلال السنوات الماضية ركزت مؤسسات التعليم العالي مهمتها ورؤيتها وتخطيطها الاستراتيجي على تحسين الأداء الأكاديمي للطلاب عبر تطوير الأنظمة الداخلية من أجل جمع بيانات أكثر بهدف فهم سلوك الطالب.
مع الأدوار المختلفة داخل مؤسسات التعليم العالي تجاه الاستفادة من تحليل بيانات التعلم إلا أن هناك توجه كبير إلى استخدام تلك البيانات في مبادرات تهدف إلى رفع التحصيل العلمي لدى الطلاب عن طريق تطوير أنظمة التنبؤ و الإنذار المبكر والتي يمكن أن تحدد الطلاب المتعثرين في وقت مبكر وذلك حسب مؤشرات و مستوى تفاعلهم و أدائهم في التقييمات الإلكترونية. والأمر لا يتوقف فقط عند ذلك بل يمتد إلى دراسة تلك الحالات و تكوين مسارات تساهم في تحسين مستواهم العلمي.
هناك الكثير من التجارب العالمية المتميزة في مجال تحليل البيانات و بناء أنظمة الإنذار المبكر ومنها تجربة جامعة ولاية اريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث طورت نظام “ALEKS Predictive system” حيث يقوم النظام للتنبؤ بمستوى الطلاب في مواد الرياضيات حيث يستطيع الطالب متابعة أدائه من خلال لوحة معلومات خاصة به بشكل أسبوعي. ومن التجارب المتميزة تجربة جامعة بيردو في الولايات المتحدة الأمريكية حيث قامت ببناء نظام Signals والذي يهدف إلى متابعة أداء الطلاب في المقررات التي تقدم بنمط التعلم الإلكتروني الكامل. يعتمد النظام على ثلاث عوامل:١) درجات الطالب ٢) إتمام المهام في الوقت المحدد ٣) أداء الطالب في المقررات السابقة، وبناءاً عليها يتنبأ النظام بتحصيل الطالب.
بلا شك هناك العديد من الفرص في مجال تحليل البيانات والتي يمكن للمؤسسات التعليمية استغلالها و توظيف تلك البيانات في صناعة الفرق في رحلة الطالب العلمية. لكن أعتقد أن نجاح مبادرات تحليل بيانات التعلم تكون مرتبطة ببعض النقاط المهمة مثل حوكمة البيانات، وتحديد مؤشرات أداء يمكن قياسها، إضافة إلى وجود سياسة للتدريس الالكتروني واضحة المعالم بحيث تنعكس على المخرجات التعليمية.