عامان كاملان ونحن نترقب هذا الموعد الذي أضحى واقعا نستقبله بكل فرح وسرور، ولعل أكثر ما يسعدنا فعليا هو أن وطننا الطموح بفضل الله ثم بفضل قيادتنا الرشيدة تجاوز كل التحديات التي واجهت العالم أجمع، ونجح بل سجل نموذجا مثاليا للتعامل مع أكبر جائحة واجهت العالم وغيرت ملامح الحياة، والعودة المقصودة هنا هي عودة الحياة إلى مدارسنا بكامل رونقها وجمالها، واكتمال عودة أبنائنا وبناتنا ومعلمينا ومعلماتنا وكافة الكوادر التعليمية والإدارية للمدارس، بشكل كامل يسمح لكل مدرسة أن تعيد جميع مفردات قواميسها المعتمدة التي أجلتها للعامين السابقين، حتى وإن عاد بعض منها بشكل جزئي، إلا أن مفهوم المدرسة الحقيقي لا يكتمل إلا ببناء معرفي ومهاري وشراكة مجتمعية، يرافق ذلك نشاط وحيوية واصطفاف صباحي وإذاعة مدرسية وتمارين يومية ارتسمت في مخيلتنا وازددنا شوقا إليها.
كما أن العودة المكتملة الحالية أعطت ذلك المؤشر الذي يعبر عن النجاح الباهر والاحتواء الكامل للجائحة على كافة المستويات.
فقد كان حرص القيادة حماها الله على الأبناء والبنات وهم مستقبل وعتاد الوطن واضحا وجليا، لدرجة أن قرار عودتهم كان من آخر القرارات المتخذة للعودة الكاملة، وهذا يدل فعليا على تجاوز كل التحديات وضمان التوفر الكامل للرعاية الصحية والخدمات الأخرى المرتبطة بذلك، إيمانا منها بأن لكل فرد منا أولوياته وأهمها أطفاله مهما كانت أعمارهم أو مراحلهم الدراسية، ورافق ذلك استعداد منقطع النظير من وزارة التعليم لتجهيز وإعداد المدارس وتزويدها بكل مقومات العودة المرتقبة مع وجود كافة الضمانات لتطبيق الاحترازات الصحية والوقائية وتدريب كل الكوادر للتعامل مع أي عارض لا قدر الله. وفي الوقت ذاته فقد تعاونت الجهات ذات العلاقة في صياغة هذا النموذج المثالي المؤثر المطمئن وقدمت كل ما يسهم في ذلك.
وكدرس مستفاد من هذه التجربة الفريدة فقد توجهت وزارة التعليم إلى تعظيم الفائدة من التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد وبناء المنصة الوطنية المتفردة (منصة مدرستي)، التي حققت أفضل ممارسة ممكنة لاستمرار العملية التعليمية بالكفاءة العالية والاستدامة المطلوبة حتى مع العودة الكاملة للمدرسة، فهي تعطي الفرصة الذهبية للمعلم والطالب لدعم التعلم الذاتي والبحث والاستكشاف والتواصل التقني المستمر، وأيضا واكب ذلك كله تطور ملموس في المناهج الدراسية واعتماد مقررات جديدة ونظام الفصول الدراسية الثلاثة التي تسهم في استثمار الموارد التعليمية وتحافظ على التراكم المعرفي، ومشروع وطني مهم لمسارات المرحلة الثانوية ودعم وحرص كبير للاختبارات الوطنية والدولية وسعي مستمر لتحسين نواتج التعلم وتعزيز المهارات الأساسية.
كما أسهمت الوزارة في رفع مستوى الجاهزية من خلال الاستثمار الأمثل لشاغلي الوظائف التعليمية من خلال الدبلومات المعتمدة وكذلك الاستثمار الأمثل للموارد البشرية والمالية والمباني، وكل هذا يسهم فعليا في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، ويأتي ضمن جميع المبادرات الوطنية المعنية باستثمار القدرات البشرية والتنمية المجتمعية والريادية لنصل فعلا إلى اقتصاد مزدهر بإذن الله. لذا فإن الدور الذي نضطلع به ونحن مجتمع حيوي مترابط طموح أن نسهم في مواءمة أنفسنا أولا لكي نكون بالقدر نفسه من التفاؤل والإيجابية والتطلع والطموح، وثانيا نجعل من كل منجز وطني أو فكرة جديدة خلاقة واقعا متقنا محققا للأهداف التي وضعت من أجله، وأن نكون فعلا سداً منيعا ضد أي محاولة للتقليل منه أو تكوين أفكار مضادة له.
مدير عام التعليم بمنطقة عسير